فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وومذهب يونس أنه منصوب على الظرفية، وتحقيق الأقوال فيه في الرفدة كما قدمنا، وذكر أنه على الحالية إذا وقع بعد فاعل ومفعول كما هنا جاز كونه حالًا من كل منهما أي وإذا ذكرت ربك موحدًا له أو موحدًا بالذكر {وَلَّوْاْ على أدبارهم} هربوا أو نفروا {نُفُورًا} فهو مفعول مطلق منصوب بولوا لتقارب معناهما.
وجوز أن يكون مفعولًا لأجله أي ولوا لأجل النفور والانزعاج وأن يكون حالًا على أنه جمع نافر أي ولوا نافرين من ذلك والضمير للمشركين الذين لا يؤمنون بالآخرة، وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس ما ظاهره أنه للشياطين ولا يكاد يصح عن الحبر إلا بتأويل.
{نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} أي ملتبسين به من اللغو والاستخفاف والهزء بك وبالقرآن.
يروى أنه عليه الصلاة والسلام كان يقوم عن يمينه رجلان من عبد الدار وعن يساره رجلان منهم فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالاشعار، ويجوز أن تكون الباء للسببية أو بمعنى اللام أي نحن أعلم بما يستمعون بسببه أو لأجله من الخزء وهي متعلقة بيستمعون، وجعلها على ظاهرها على معنى أيستمعون بقلوبهم أم بظاهر إسماعهم غير ظاهر، والباء الأولى متعلقة باعلم، وأفعل التفضيل في العلم والجهل يتعدى بالباء وفي سوى ذلك يتعدى باللام فيقال هو أكسى للفقراء مثلًا، والمراد من كونه تعالى أعلم بذلك الوعيد لهم.
{إِذْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} ظرف لأعلم لا مفعول به، وفائدته كما قال شيخ الإسلام تأكيد الوعيد بالاخبار بأنه كما يقع الاستماع المزبور منهم يتعلق به العلم لا أن العلم المستفاد هناك من أحد، وليس المراد تقييد علمه تعالى بذلك الوقت وكذا قوله تعالى: {وَإِذْ هُمْ نجوى} لكن من حيث تعلقه بما به التناجي المدلول عليه بسياق النظم.
والمعنى نحن أعلم بما يستمعون به مما لا خير فيه مما سمعت وبما يتناجون به فيما بينهم، وجوز أن يكون الأول ظرفًا ليستمعون والثاني ظرفًا فليتناجون، والمعنى نحن أعلم بما به الاستماع وقت استماعهم من غير تأخير وبما به التناجي وقت تناجيهم والأول أظهر، و{نجوى} مصدر مرفوع على الخبرية وفي ذلك ما في زيد عدل، ويجوز أن يعتبر جمع نجى كقتل وقتيل أي إذ هم متناجون {إِذْ يَقُولُ الظالمون} بدل من إذ الثانية وبيان لما يتناجون به فهو غير ما يستمعون به لا معمول لا ذكر محذوفًا كما قيل.
و{الظالمون} من المظهر الذي أقيم مقام المضمر للدلالة على أن تناجيهم باب من الظلم أي يقول كل منهم للآخرين عند تناجيهم {إِن تَتَّبِعُونَ} أي ما تتبعون إن وجد منكم الاتباع فرضًا، وجوز أن يكون المعنى ما تتبعون باللغو والهزء {إِلاَّ رَجُلًا مَّسْحُورًا} أي سحر فجن فهو كقولهم: إن هو إلا رجل مجنون، وقيل: جعل له سحر يتوصل بلطفه ودقته إلى ما يأتي به ويدعيه فهو في معنى قولهم ساحر، وجعل بعضهم {مَّسْحُورًا} بمعنى ساحرًا كمستور بمعنى ساتر، وعن أبي عبيدة أن مسحورًا بمعنى جعل له سحر أو ذا سحر أي رئة، ومن هذا قول امرء القيس:
أرانا موضعين لأمر غيب ** ونسحر بالطعام وبالشراب

وأراد نغذي، وقول لبيد أو أمية بن أبي الصلت:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا ** عصافير من هذا الأنام المسحر

وكنوا بذلك عن كونه بشرًا يتنفس ويأكل ويشرب لا يمتاز عنهم بشيء يقتضي اتباعه على زعمهم الفاسد، ولا يخفى ما فيه من البعد حتى قال ابن قتيبة: لا أدري ما الذي حمل أبا عبيدة على هذا التفسير المستكره مع أن السلف فسروه بالوجوه الواضحة.
وقال ابن عطية: إنه لا يناسب قوله تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ} أي مثلوك فقالوا تارة شاعرة وتارة ساحرة وتارة مجنون مع علمهم بخلاف {فُضّلُواْ} في جميع ذلك عن منهاج المحاجة {فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلًا} طريقًا ما إلى طعن يمكن أن يقبله أحد فيتهافتون ويخبطون ويأتون بما لا يرتاب في بطلانه من سمعه أو إلى سبيل الحق والرشاد، وفيه من الوعيد وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى.
{وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا} عطف على {ضَرَبُواْ} [الإسراء: 48] ولما عجب من ضربهم الأمثال عطف عليه أمرًا آخر يعجب منه أيضًا.
وفي الكشف الأظهر أن يكون هذا إلى تمام المقالات الثلاث تفسيرًا ل {ضربوا لك الأمثال} [الإسراء: 48] ألا ترى إلى قوله تعالى: {واضرب لَهُمْ مَّثَلًا} [الكهف: 32] وتفسيره بمثلوك غير ظاهر بل الظاهر مثلوا لك، ولا خفاء إن تجاوب الكلام على ما ذكرنا أتم، وذلك أنه لما ذكر استهزاءهم به صلى الله عليه وسلم وبالقرآن عجبه من استهزائهم بمضمونه من البعث دلالة على أنه أدخل في التعجب لأن العقل أيضًا يدل عليه ولكن على سبيل الإجمال، وأما على تفسير {ضَرَبُواْ لَكَ الامثال} [الإسراء: 48] بمثلوك فوجهه أن يكون معطوفًا على قوله سبحانه: {فُضّلُواْ} [الإسراء: 48] لأنه باب من أبواب الضلال أو على مقدر دل عليه {كيف ضربوا} [الإسراء: 48] لأن معناه مثلوك وقالوا شاعر ساحر مجنون وقالوا: {أَن كُنَّا} إلخ اهـ.
ولا يخفى أنه على التفسير الذي اختاره يكون {قَالُواْ} معطوفًا على {ضَرَبُواْ} [الإسراء: 48] أيضًا عطفًا تفسيريًا لكن الظاهر فيه حينئذ الفاء وأنه لا يحتاج على ما ذكرنا إلى تكلف العطف على مقدر والارتباط عليه لا يقصر عن الارتباط الذي ذكره، وعطفه على {فُضّلُواْ} [الإسراء: 48] مما لا يحسن لعدم ظهور دخوله معه في حيز الفاء، والاعتراض على التفسير بمثلوك بأنهم ما مثلوه عليه الصلاة والسلام بالشاعر والساحر مثلًا بل قالوا تارة كذا وأخرى كذا، وأيضًا كان الظاهر أن يقال فيك بدل {لك} [الإسراء: 48] ليس بشيء لأن ما ذكروه على طريق التشبيه لتقريعه صلى الله عليه وسلم وعجزهم عن معارضته، و{لَكَ} أظهر من فيك لأنه عليه الصلاة والسلام الممثل له، هذا وأقول: انظر هل ثم مانع من عطف {قَالُواْ} على {يَقُولُ الظالمون} [الإسراء: 47] وجعل هذا القول مما يتناجون به أيضًا وإعلانهم به أحيانًا لا يمنع من هذا الجعل وكذا اختلاف المتعاطفين ماضوية ومضارعية لا يمنع من العطف، نعم يحتاج إلى نكتة ولا أظنها تخفى فتدبر.
والرفات ما تكسر وبلى من كل شيء، وكثر بناء فعال في كل ما تحطم وتفرق كدقاق وفتات.
وأخرج ابن جرير وغيره عن مجاهد أنه التراب وهو قول الفراء، وأخرج ابن المنذر وغيره عن ابن عباس أنه الغبار، وقال المبرد: هو كل شيء مدقوق مبالغ في دقه وهي أقوال متقاربة، والهمزة للاستفهام الإنكاري مفيدة لكمال الاستبعاد والاستنكار للبعث بعد ما آل الحال إلى هذا المآل كأنهم قالوا: إن ذلك لا يكون أصلًا.
ومنشؤه أن بين غضاضة الحي وطراوته المقتضية للاتصال المقتضى للحياة وبين يبوسة الرميم المقتضية للتفرق المقتضي لعدم الحياة تنافيًا، و{إِذَا} هنا كما في الدر المصون متمحضة للظرفية والعامل فيها ما دل عليه قوله تعالى: {أَءنَّا لَمَبْعُوثُونَ} لا نفسه لأن إن لها الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وكذا الاستفهام وإن كان تأكيدًا مع كون الاستفهام بالفعل أولى وهو نبعث أو نعاد مصب الإنكار، وتقييده بالوقت المذكور لتقوية إنكار البعث بتوجيهه إليه في حالة منافية له وإلا فالظاهر من حالهم أنهم منكرون للأحياء بعد الموت وإن كان البدن على حاله.
وجوز أن تكون شرطية وجوابها مقدر أي نبعث أو نحوه وهو العامل فيها.
ويل الشرط والمعنى انبعث وقد كنا رفاتًا في وقت وهو مذهب لبعض النحويين غير مشهور ولا معول عليه، وتحلية الجملة بأن واللام لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما عسى يتوهم من ظاهر النظم، وليس مدار إنكارهم كونهم ثابتين في المبعوثية بالفعل في حال كونهم عظامًا ورفاتًا كما يرءى من ظاهر الجملة الاسمية بل كونهم بعرضية ذلك واستعدادهم له، ومرجعه إلى إنكار البعث بعد تلك الحالة، وفيه من الدلالة على غلوهم في الكفر وتماديهم في الضلال ما لا مزيد عليه قاله بعض المحققين.
{خَلْقًا جَدِيدًا} نصب بمبعوثين على أنه مفعول مطلق له من غير لفظ فعله أو حال على أن الخلق بمعنى المخوق ووحد لاستواء الواحد في المصدر وإن أريد منه اسم المفعول أي مخلوقين. اهـ.

.قال القاسمي:

ثم مثل تعالى حالة المشركين مع التنزيل الكريم، حينما يقرؤه عليهم الرسول، صلوات الله عليه، يدعوهم إلى العمل بما فيه من التوحيد، ورفض الشرك وغير ذلك من ضلالهم، بمن طمس على بصيرته وبصره وسمعه، بقوله تعالى.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ}: أي: على هؤلاء المشركين: {جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} أي: لا يصدقون بالبعث ولا يقرون بالثواب والعقاب، جزاء على الأعمال: {حِجَابًا مَّسْتُورًا} أي: من الجهل وعمى القلب. فيحجب قلوبهم عن أن يفهموا ما تقرؤه عليهم فينتفعوا به؛ عقوبة منا لهم على كفرهم.
ومعنى كون الحجاب مستورًا، أي: عن العيون، فلا تدركه أبصارهم.
وعن الأخفش: إن مفعولًا يرد بمعنى فاعل كميمون ومشؤوم بمعنى يامن وشائم. كما أن فاعلًا يرد بمعنى مفعول كماء دافق.
{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً} أي: أغطية كثيرة، جمع كنان {أَن يَفْقَهُوهُ} أي: كراهة أن يفقهوه: {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} أي: صممًا يمنعهم من استماعه. وذلك ما يتغشاها من خذلان الله تعالى إياها، عن فهم ما يتلى عليهم والإنصات له.
قال أبو السعود: هذه تمثيلات معربة عن كمال جهلهم بشؤون النبي صلى الله عليه وسلم، وفرط نبوُّ قلوبهم عن القرآن الكريم، ومج أسماعهم له. جيء بها بيانًا لعدم فقههم لتسبيح لسان المقال، إثر بيان عدم فقههم لتسبيح لسان الحال، وإيذانًا بأن هذا التسبيح من الظهور بحيث لا يصور عدم فهمه، إلا لمانع قوي يعتري المشاعر فيبطلها؛ تنبيهًا على أن حالهم هذا أقبح من حالهم السابق.
{وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ} أي: غير مشفوع بذكره ذكر شيء من آلهتهم: {وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} أي: هربًا من استماع التوحيد. قال القاشانِيِّ: لتشتت أهوائهم، وتفرق همهم في عبادة متعبداتهم، من أصناف [في المطبوع أصنام] الجسمانيات والشهوات. فلا يناسب بواطنهم معنى الوحدة؛ لتألفها بالكثرة واحتجابها بها. ثم أخبر تعالى عما يتناجى به المشركون، رؤساء قريش، بقوله متوعدًا لهم:
{نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ} أي: بسببه أو لأجله من الهزء والاستخفاف واللغو: {إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلًا مَّسْحُورًا} أي: سحر، فجُنَّ فاختلط كلامه.
{انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ} أي: مثلوك بالشاعر والساحر المجنون: {فَضَلُّواْ} أي: عن الحق والهداية بك: {فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلًا} أي: فلا يهتدون لطريق الحق لضلالهم عنه وبعدهم منه، وأن الله قد خذلهم عن إصابته. أو المعنى فلا يستطيعون سبيلًا إلى طعن يمكن أن يقبله أحد، بل يخبطون بما لا يرتاب في بطلانه أحد. كالمتحير في أمره لا يدري ماذا يصنع. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45)}.
عطف جملة على جملة وقصة على قصة، فإنه لما نوّه بالقرآن في قوله: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} [الإسراء: 9]، ثم أعقب بما اقتضاه السياق من الإشارة إلى ما جاء به القرآن من أصول العقيدة وجوامع الأعمال وما تخلل ذلك من المواعظ والعبر عاد هنا إلى التنبيه على عدم انتفاع المشركين بهدي القرآن لمناسبة الإخبار عن عدم فقههم دلالةَ الكائنات على تنزيه الله تعالى عن النقائص، وتنبيهًا للمشركين على وجوب إقلاعهم عن بعثتهم وعنادهم، وتأمينًا للنبيء من مكرهم به وإضمارهم إضراره، وقد كانت قراءته القرآن تغيظهم وتثير في نفوسهم الانتقام.
وحقيقة الحجاب: الساتر الذي يحجب البصر عن رؤية ما وراءه.
وهو هنا مستعار للصرفة التي يصرف الله بها أعداء النبي عليه الصلاة والسلام عن الإضرار به للإعراض الذي يعرضون به عن استماع القرآن وفهمه.
وجعل الله الحجاب المذكور إيجادَ ذلك الصارف في نفوسهم بحيث يهمون ولا يفعلون، وذلك من خور الإرادة والعزيمة بحيث يخطر الخاطر في نفوسهم ثم لا يصممون، وتخطر معاني القرآن في أسماعهم ثم لا يتفهمون.
وذلك خلق يسري إلى النفوس تديجيًا تغرسه في النفوس بادىءَ الأمر شهوةُ الإعراض وكراهية المسموع منه ثم لا يلبث أن يصير ملكة في النفس لا تقدر على خلعه ولا تغييره.
وإطلاق الحجاب على ما يصلح للمعنيين إما للحمل على حقيقة اللفظ، وإما للحمل على ما له نظير في القرآن.
وقد جاء في الآية الأخرى {ومن بيننا وبينك حجاب} [فصلت: 5].
ولما كان إنكارهم البعث هو الأصل الذي استبعدوا به دعوة النبي حتى زعموا أنه يقول محالًا إذ يخبر بإعادة الخلق بعد الموت {وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مُزّقتم كل ممزق إنكم لفي خَلْق جديد أفترى على الله كذبًا أم به جنة} [سبأ: 7- 8] استحضروا في هذا الكلام بطريق الموصولة لما في الصلة من الإيماء إلى علة جَعل ذلك الحجاب بينه وبينهم فلذلك قال: {وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة}.
ووصف الحجاب بالمستور مبالغة في حقيقة جنسه، أي حجابًا بالغًا الغاية في حجب ما يحجبه هو حتى كأنه مستور بساتر آخر، فذلك في قوة أن يقال: جعلنا حجابًا فوق حجاب.
ونظيره قوله تعالى: {ويقولون حجرًا محجورا} [الفرقان: 22].
أو أريد أنه حجاب من غير جنس الحجب المعروفة فهو حجاب لا تراه الأعين ولكنها ترى آثار أمثاله.
وقد ثبت في أخبار كثيرة أن نفرًا هموا الإضرار بالنبي فما منهم إلا وقد حدَث له ما حال بينه وبين همه وكفى الله نبيئه شرهم، قال تعالى: {فسيكفيكهم الله} [البقرة: 137] وهي معروفة في أخبار السيرة. وفي الجمع بين {حجابًا} و{مستورًا} من البديع الطباقُ. {وَجَعَلْنَا على قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وفى ءَاذَانِهِمْ وَقْرًا} عطف جعل على جعل.